مرشدي

منغمسة بسباق الحياة، غافلة عن جسدي المقيّد..

3:45 AM | 15-12-2025

فتحت عيني لأستيقظ على يوم جديد، بدأت أتصفح الأخبار في هاتفي المحمول، ومن تطبيق إلى آخر، وكأني أحاول أن أجد هدفي الذي سوف أسعى إليه لذلك اليوم.
تمرّ الساعة تلو الأخرى وأنا مستلقية على سريري، أحاول الحراك بعد أن أعددت خططي المتزاحمة لهذا اليوم في رأسي، ولسببٍ ما أبدو عاجزة عن ذلك.

لماذا يا ترى؟
هيا انهضي… ما الخطب؟
الناس قد سبقوكِ، وأنتِ تضيعين الوقت؟
لماذا أنا بهذه الدرجة من الكسل؟
لماذا هذا الفشل الذريع كله؟

أمضي سنواتي أُجابه الأيام للوصول إلى بقعة السكون الموهومة والضبابية، لأدرك أنني مقيّدة بعددٍ لا يُحصى من السلاسل النفسية، التي كانت السبب خلف شعوري الدائم بالعجز وعدم الحراك للأمام، مهما صببت روحي لإثبات وجودي في هذا العالم.

كانت قيودًا خفية، لم أرها، ولكنني عشت أثرها في المعارك الداخلية الدائمة، وعدم الاستبصار بحقيقة نفسي وإعطائها نظرة رحيمة وإنسانية.
بل ما قابلتها يومًا إلا بالجلد، والأحكام القاسية، وصوت التأنيب والتوبيخ المتكرر لتقصيرها بأن تكون نسخة أخرى من الغير، لا نفسها.

عزمت على هدم السد العالي الذي يعزلني عن العالم، ورؤية الجانب الآخر من الحياة.
حياة بإمكاني فيها أن أشعر بنسيم الهواء وهو يداعب خدي، واستشعار دفء الشمس على جلدي، مجردةً من وحش الخوف الذي يطاردني ويحثني على الاختفاء وراء ذلك السد، تجنبًا لاختبار ألم الماضي.

ولكن… ما هو السبيل لفعل ذلك؟

الوعي

رحلة الوعي لا يتخذها إلا شجاع، حريص على أن يكون رحيمًا، متقبلًا لإنسانيته الكاملة.
وبذلك تُفتح له أبواب معرفتها، كما فعلت أنا عندما أدركت أن عقلي قد خُلق بطريقة تميّزه عن غيره.
فكانت أولى خطوات معرفته هو تقبّله، لأندمج معه في هذا الجسد، ونتناغم، ونجد مفاتيح جديدة تتناسق مع طبيعته، بدون أحكام مسبقة ولا صراخ داخلي مؤذٍ.

نزعت عدسات استيعابي القديمة التي كنت أرى فيها نفسي، وصمّمت أن أبني عدسات تعبّر عن الواقع كما هو، منزوعة من شوائب المثالية، ورؤية ما يختبئ في الظلال من سمات الاضطراب.
كانت نفسي في صراع مع وجودها، فكنت دائمة البذل للجهد لأحرص على دفنها بعيدًا في الظلام، لكي لا تُرى من قبل الآخرين.

كان لا بد لهذه الحرب أن تنتهي، ولن تنتهي إلا باحتضان تلك السمات، والفخر بأنها جزء مما أكون، وأنها مصدر إبداعي الإنساني الذي أعشقه.
ليَسهُل بعد ذلك رؤية ما أراه من قوتي الإنسانية وقدراتي المخبوءة التي تنتظرني لإبصارها وإخراجها إلى النور.

كسرت تلك القيود واحدًا تلو الآخر، ولا تزال الرحلة مستمرة، ولكني أرى النور في نهاية النفق.
وجسدي يستشعر الحرية في حركته، كلما تحرر عقلي من قيوده أكثر فأكثر.
أكاد أن أرى نفسي أطير من خفة خطواتي وسهل المسير.

لنفسي، ولعقلي المتشتت، لكم مني كل الامتنان والحب والقبول.


بقلم: فاطمة 

من مجموعة دعم بالغي فرط الحركة وتشتت الانتباه

0
0
التعليقات

لا توجد تعليقات